فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج الطبراني، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد يريد أن يرتفع في الدنيا درجة، فارتفع بها إلاّ وضعه الله في الآخرة درجة أكبر منها وأطول، ثم قرأ {وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ درجات وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا}» وهو من رواية زاذان عن سلمان.
وثبت في الصحيحين: «أن أهل الدرجات العلى ليرون أهل عليين كما يرون الكوكب الغابر في أفق السماء» وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {مَذْمُومًا} يقول: ملومًا.
وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن الأنباري في المصاحف من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قرأ: {ووصى ربك} مكان {وقضى}، وقال: التزقت الواو والصاد، وأنتم تقرءونها: {وقضى ربك}.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عنه مثله، وأخرج أبو عبيد، وابن منيع، وابن المنذر، وابن مردويه من طريق ميمون بن مهران عنه أيضًا مثله، وزاد «ولو نزلت على القضاء ما أشرك به أحد».
وأقول: إنما يلزم هذا لو كان القضاء بمعنى الفراغ من الأمر، وهو وإن كان أحد معاني مطلق القضاء، كما في قوله: {قُضِىَ الامر الذي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف: 41].
وقوله: {فَإِذَا قَضَيْتُم مناسككم} [البقرة: 200]. {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصلاة} [النساء: 103].
ولكنه ها هنا بمعنى الأمر، وهو أحد معاني القضاء، والأمر لا يستلزم ذلك، فإنه سبحانه قد أمر عباده بجميع ما أوجبه، ومن جملة ذلك إفراده بالعبادة وتوحيده، وذلك لا يستلزم أن لا يقع الشرك من المشركين، ومن معاني مطلق القضاء معانٍ أخر غير هذين المعنيين، كالقضاء بمعنى: الخلق، ومنه {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سموات} [فصلت: 12].
وبمعنى الإرادة كقوله: {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [آل عمران: 47].
وبمعنى العهد كقوله: {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغربى إِذْ قَضَيْنَا إلى مُوسَى الأمر} [القصص: 44].
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وقضى رَبُّكَ} قال: أمر.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال: عهد ربك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {وبالوالدين إحسانا} يقول: برًّا.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ} لما تميط عنهما من الأذى: الخلاء، والبول كما كانا لا يقولانه فيما كانا يميطان عنك من الخلاء والبول.
وأخرج الديلمي عن الحسين بن عليّ مرفوعًا: لو علم الله شيئًا من العقوق أدنى من أف لحرّمه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله: {وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} قال: إذا دعواك فقل: لبيكما وسعديكما. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية، قال: قولًا لينًا سهلًا.
وأخرج البخاري في الأدب، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عروة في قوله: {واخفض لَهُمَا جَنَاحَ الذل} قال: يلين لهما حتى لا يمتنع من شيء أحبّاه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية، قال: اخضع لوالديك كما يخضع العبد للسيد الفظ الغليظ.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَقُل رَّبّ ارحمهما} ثم أنزل الله بعد هذا {مَا كَانَ لِلنَّبِىّ والذين ءامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِى قربى} [التوبة: 113].
وأخرج البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، وابن جرير، وابن المنذر من طرق عنه نحوه، وقد ورد في برّ الوالدين أحاديث كثيرة ثابتة في الصحيحين وغيرهما، وهي معروفة في كتب الحديث. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}
أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وقضى ربك أَلاَّ تعبدوا إلا إياه} قال: التزقت الواو بالصاد، وأنتم تقرؤونها {وقضى ربك}.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وأخرج أبو عبيد وابن منيع وابن المنذر وابن مردويه من طريق ميمون بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل الله هذا الحرف على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم {ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه} فالتصقت إحدى الواوين بالصاْد، فقرأ الناس {وقضى ربك} ولو نزلت على القضاء، ما أشرك به أحد.
وأخرج الطبراني، عن الأعمش قال: كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقرأ {ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه}.
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر، عن الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه أنه قرأها {ووصى ربك} قال: إنهم ألصقوا إحدى الواوين بالصاد فصارت قافًا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وقضى ربك} قال: أمر.
وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} قال: عهد ربك ألا تعبدوا إلا إياه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وبالوالدين إحسانًا} يقول: برًا.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف} فيما تميط عنهما من الأذى الخلاء والبول، كما كانا لا يقولانه، فيما كانا يميطان عنك من الخلا والبول.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في الآية قال: {لا تقل لهما أف} فما سواه.
وأخرج الديلمي، عن الحسن بن علي رضي الله عنهما مرفوعًا، لو علم الله شيئًا من العقوق أدنى من {أف} لَحَرَّمَهُ.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عروة رضي الله عنه في قوله: {وقل لهما قولًا كريمًا} قال: لا تمنعهما شيئًا أرادا.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف، عن الحسن رضي الله عنه أنه سئل ما برّ الوالدين؟ قال: أن تبذل لهما ما ملكت، وأن تطيعهما فيما أمراك به، إلا أن يكون معصية.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن الحسن رضي الله عنه أنه قيل له: إلام ينتهي العقوق؟ قال: أن يحرمهما ويهجرهما ويحد النظر إلى وجههما.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنهما في قوله: {وقل لهما قولًا كريمًا} قال: يقول: يا أبت، يا أمه، ولا يسميهما بأسمائهما.
وأخرج ابن مردويه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه شيخ فقال: «من هذا معك؟» قال: أبي. قال: «لا تمشين أمامه، ولا تقعدن قبله، ولا تدعه باسمه، ولا تستب له».
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد رضي الله عنه في قوله: {وقل لهما قولًا كريمًا} قال: إذا دعواك فقل لهما لبيكما وسعديكما، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وقل لهما قولًا كريمًا} قال: قولًا لينًا سهلًا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي الهداج التجيبي قال: قلت لسعيد بن المسيب رضي الله عنه كل ما ذكر الله في القرآن من بر الوالدين فقد عرفته إلا قوله: {وقل لهما قولًا كريمًا} ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عروة في قوله: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} قال: تلين لهما حتى لا يمتنعا من شيء أحباه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} يقول اخضع لوالديك كما يخضع العبد للسيد الفظ الغليظ.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنهما في قوله: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} قال: لا ترفع يديك عليهما إذا كلمتهما.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عروة رضي الله عنه في قوله: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} قال: إن أغضباك، فلا تنظر إليهما شزرًا، فإنه أوّل ما يعرف غضب المرء بشدة نظره إلى من غضب عليه.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما برَّ أباه من حدّ إليه الطرف».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن زهير بن محمد رضي الله عنه في قوله: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} قال: إن سباك أو لعناك، فقل رحمكما الله غفر الله لكما، وأخرج ابن جرير، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأ {واخفض لهما جناح الذل} بكسر الذال، وأخرج، عن عاصم الجحدري رضي الله عنه مثله.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد، عن أبي مرة مولى عقيل: أن أبا هريرة رضي الله عنه كانت أمه في بيت وهو في آخر، فكان يقف على بابها ويقول: السلام عليك يا أمتاه ورحمة الله وبركاته فتقول: وعليك يا بني، فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيرًا، فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيرًا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا} ثم أنزل الله بعد هذا {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} [التوبة: 113].
وأخرج البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر من طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وإما يبلغن عندك الكبر} إلى قوله: {كما ربياني صغيرًا} قد نسختها الآية التي في براءة {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} [التوبة: 113] الآية.
وأخرج ابن المنذر والنحاس وابن الأنباري في المصاحف، عن قتادة رضي الله عنه قال: نسخ من هذه الآية حرف واحد، لا ينبغي لأحد من المسلمين أن يستغفر لوالديه إذا كانوا مشركين، ولم يقل {رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا} ولكن ليخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وليقل لهما قولًا معروفًا. قال الله تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {ربكم أعلم بما في نفوسكم} قال: تكون البادرة من الولد إلى الوالد، فقال الله: {إن تكونوا صالحين} أي تكون النية صادقة ببرهما {فإنه كان للأوّابين غفورًا} للبادرة التي بدرت منه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {إنه كان للأوّابين غفورًا} قال: الرجاعين إلى الخير.
وأخرج سعيد بن منصور وهناد وابن أبي حاتم والبيهقس عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {إنه كان للأوّابين} قال: الرجاعين من الذنب إلى التوبة، ومن السيئات إلى الحسنات.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {للأوّابين} قال: للمطيعين المحسنين.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {للأوّابين} قال: للتوّابين.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه- قال: الأوّاب، التوّاب.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله».
وأخرج البخاري في الأدب المفرد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد.
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال: قلت يا رسول الله، من أبر؟ قال: «أمك. قلت: من أبر؟ قال: أمك. قلت: من أبر؟ قال: أمك. قلت: من أبر؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب».
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والبيهقي، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أتاه رجل فقال: إني خطبت امرأة فأبت أن تنكحني، وخطبها غيري فأحبت أن تنكحه، فغرت عليها فقتلتها، فهل لي من توبة؟ قال: أمك حية؟ قال: لا. قال: تب إلى الله، وتقرب إليه ما استطعت. فذهبت فسألت ابن عباس رضي الله عنهما لم سألت عن حياة أمه؟ فقال: إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله من بر الوالدة.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن ماجة والبيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى رجل نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ما تأمرني؟ قال: «بر أمك، ثم عاد فقال: بر أمك، ثم عاد فقال: بر أمك، ثم عاد الرابعة فقال: بر أباك» وأخرج البخاري في الأدب المفرد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما من مسلم له والدان يصبح إليهما محسنًا إلا فتح الله له بابين- يعني من الجنة- وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرض الله عنه، حتى يرضى عنه. قيل: وإن ظلماه؟؟ قال: وإن ظلماه.